سورة هود - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{وَقِيلَ} يعني: بعدما تناهى أمر الطوفان: {يَا أَرْضُ ابْلَعِي} تَشَرَّبِي، {مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} أمسكي، {وَغِيضَ الْمَاءُ} نقص ونضب، يقال: غاض الماء يغيض غيضا إذا نقص، وغاضه الله أي أنقصه، {وَقُضِيَ الأمْرُ} فرغ من الأمر وهو هلاك القوم {وَاسْتَوَت} يعني السفينة استقرت، {عَلَى الْجُودِيِّ} جبل بالجزيرة بقرب الموصل، {وَقِيلَ بُعْدًا} هلاكا، {لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
وروي أن نوحا عليه السلام بعث الغراب ليأتيه بخبر الأرض فوقع على جيفة فلم يرجع فبعث الحمامة فجاءت بورق زيتون في منقارها ولطخت رجليها بالطين، فعلم نوح أن الماء قد نضب، فقيل إنه دعا على الغراب بالخوف فلذلك لا يألف البيوت، وطوق الحمامة الخضرة التي في عنقها ودعا لها بالأمان، فمن ثم تأمن وتألف البيوت.
وروي أن نوحا عليه السلام ركب السفينة لعشر مضت من رجب وجرت بهم السفينة ستة أشهر، ومرت بالبيت فطافت به سبعا وقد رفعه الله من الغرق وبقي موضعه، وهبطوا يوم عاشوراء، فصام نوح، وأمر جميع من معه بالصوم شكرا لله عز وجل.
وقيل: ما نجا من الكفار من الغرق غير عُوج بن عُنُق كان الماء إلى حجزته، وكان سبب نجاته أن نوحا احتاج إلى خشب ساج للسفينة فلم يمكنه نقله فحمله عوج إليه من الشام، فنجاه الله تعالى من الغرق لذلك.


قوله تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} وقد وعدتني أن تنجيني وأهلي؟ {وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} لا خلف فيه، {وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} حكمت على قوم بالنجاة وعلى قوم بالهلاك.
{قَالَ} الله عز وجل: {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} قرأ الكسائي ويعقوب: {عَمِلَ} بكسر الميم وفتح اللام {غيرَ} بنصب الراء على الفعل، أي: عمل الشرك والتكذيب. وقرأ الآخرون بفتح الميم ورفع اللام وتنوينه، {غير} برفع الراء معناه: أن سؤالك إياي أن أنجيه عمل غير صالح، {فَلا تَسْأَلْن} يا نوح، {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}.
قرأ أهل الحجاز والشام {فلا تسألنِّ} بفتح اللام وتشديد النون، ويكسرون النون غير ابن كثير فإنه يفتحها، وقرأ الآخرون بجزم اللام وكسر النون خفيفة، ويُثبت أبو جعفر وأبو عمرو وورش ويعقوب الياء في الوصل.
{إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}.
واختلفوا في هذا الابن؛ قال مجاهد والحسن: كان ولد حنث من غير نوح، ولم يعلم بذلك نوح، ولذلك قال: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} وقرأ الحسن {فخانتاهما} [التحريم- 10].
وقال أبو جعفر الباقر: كان ابن امرأته وكان يعلمه نوح ولذلك قال: {من أهلي} ولم يقل مني.
وقال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك والأكثرون: إنه كان ابن نوح عليه السلام من صلبه. وقال ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط. وقوله: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} أي: من أهل الدين لأنه كان مخالفا له في الدين، وقوله: {فخانتاهما} أي: في الدين والعمل الصالح لا في الفراش.
وقوله: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} يعني: أن تدعو بهلاك الكفار ثم تسأل نجاة كافر.


{قَالَ} نوح {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
{قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ} إنزل من السفينة، {بِسَلامٍ مِنَّا} أي بأمن وسلامة منا، {وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ} البركة هي: ثبوت الخير، ومنه: بروك البعير. وقيل: البركة هاهنا هي: أن الله تعالى جعل ذريته هم الباقين إلى يوم القيامة، {وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ} أي: على ذرية أمم ممن كان معك في السفينة، يعني على قرون تجيء من بعدك، من ذرية من معك، من ولدك وهم المؤمنون، قال محمد بن كعب القرظي: دخل فيه كل مؤمن إلى قيام الساعة {وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ} هذا ابتداء، أي: أمم سنمتعهم في الدنيا، {ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} وهم الكافرون وأهل الشقاوة.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10